![]() |
Author: Belmasnadpodcast Language: ar Contact email: Get it Feed URL: Get it iTunes ID: Get it |
Listen Now...
تعز،، تاريخ من الرفض
Episode 3
Saturday, 13 March, 2021
من هنا مرَّ ثوار سبتمبر، وأكتوبر، بخطى واثقة ، وسُكون تعدى حُـدود الصمت، وربـاطة جأش اجتـازت جدار الخـوف، في ذلك الدار العتيق حلوا، وخلف جدرانه المُكتومة تهامسوا، وخططوا، وقرروا، تعلموا من تعز معاني التضحية والفداء، من هواها العليل تنفسوا عبق الحرية، ومن نداها العذب ارتشفوا ماء المحبة، ومن دمعها الغزير ذاقوا طعم الصبر، ومن طموحات أبنائها استشرفوا الغد المُشرق، وتحت شلالات ضوئها المُنسكب صاغوا قرارهم الأول، وفي طبيعتها الساحرة، ومآثرها العريقة، تأملوا وجه اليمن البهي، النقي، الخالي من ملوثات الحضارة، وأدران الحياة، وعلى وقع نغمات هديلها أيوب، سحقوا الباغي، دكوا الظلم، جاؤوا بالمحالِ. غادر الأحرار تعز، ولم تغادرها روح ثورتهم، وحين كادت الجمهورية التي أسسوها وعمدوها بدمائهم وتضحياتهم أن تسقط في وحل الإمامة، ومُستنقع النكران، تولت الحالمة مهمة الدفاع عنها، بكل ما أوتيت من وطنية، أعادت لها وهجها، وعنفوانها، وحولت مسار حياة أعدائها إلى كوابيس، انكسروا تحت أسوار مقاومتها المنيعة، ذاقوا وبال غضبها، أصلتهم بنار صبرها، وجرعتهم كؤوس المنون. حسب أدبيات الأحرار الأوائل، كان من المُقرر أن تكون تعز مُنطلق الثورة، إلا أن مَرض الطاغية أحمد حميد الدين أجل ذلك، وحين تحقق موته، لفظت تعز جثمانه، وشهدت صنعاء مقر ابنه محمد البدر تفاصيل تلك البداية، وبما أن تعز هي الأصالة والأصل، فقد كانت وما زالت خير داعم وسند للثورة السبتمبرية، الثورة التي خذلها كثيرون ذات سبتمبر. بالأمس أوجد الأئمة السلاليون المُبررات الدينية الدنيئة لاستباحة دماء وأموال أبناء المناطق الوسطى والغربية والجنوبية، كفّروهم بالجملة، واتهموهم بالعمالة، واللافت في الأمر أن ذات التهم والمُبررات كررها الإماميون الجدد في حق أحفادهم، مع اختلاف بسيط في التشبيه والتسمية، فـ (كفار التأويل) أصبحوا تكفيريين، ودواعش، و(إخوان النصارى) اصبحوا عملاء لإسرائيل، وأمريكا، والسنغال! بتعالٍ فج، ونشوة بردقان عابرة، عبر الإماميون الجدد إلى محرقتهم، إلى حتفهم، حسبوا أن تعز سهلة المنال، ولقمة سائغة، وفاتهم أن أبناءها لم يعودوا رعية الأمس، حاملو المحراث، لقد تسلحوا بالعلم والمعرفة، وتفننوا في ترويض البندقية، كما تفننوا في ترويض القلم، أجادوا فن تصويبها فوق رؤوس الإماميين، دفاعاً عن الأرض والعرض، وبات النصر خيارهم الوحيد. تعاملت مليشيات الحوثيين مع محافظة تعز بعداء منقطع النظير، فرغم أنه تم طرد المليشيات الحوثية من عدة محافظات منذ بدء الحرب، وطردها من أجزاء كبيرة من محافظات أخرى، وتكبدها خسائر فادحة في مختلف الجبهات، إلا أن عداءها لتعز لم يتكرر إزاء أي محافظة أخرى باستثناء محافظة مأرب، ويعني ذلك العداء أن المليشيات الحوثية موجوعة من مارب و تعز أكثر من وجعها من أي محافظة أخرى، لدرجة أنها تحرض على القتال ضدهما في المساجد وفي الدورات الطائفية لمقاتليها، كانت مليشيات الحوثيين تنظر لمحافظة تعز في بداية الانقلاب على أنها الهدف الأسهل والسيطرة عليها ستكون بدون إطلاق رصاصة واحدة، خصوصا أن تعز كانت مطوقة بألوية ، وتتواجد داخلها قوات أمنية ومعسكرات أخرى وكان هناك اعتقاد لدى الحوثيين أن تعز يمكن السيطرة عليها بـ"طقم" عسكري واحد فقط، نظرا لمدنيتها وسلميتها وعدم انتشار ثقافة القتل وحمل السلاح فيها. وبعد السيطرة على العاصمة صنعاء، كان الهدف التالي هو السيطرة على محافظة تعز، وعندما واجهت مليشيات الحوثيين المظاهرات السلمية الرافضة للانقلاب بالرصاص الحي، حمل أحرار المحافظة السلاح وأعلنوا الحرب دفاعا عن كرامتهم وحريتهم ورفضا للانقلاب على السلطة الشرعية.